النساء عمائم الأجواد ونعال الأنذال” مقولة صحراوية تحدد مكانة الرجل داخل المجتمع الصحراوي على حسب تعامله مع المرأة….. تحضرني دائما كلما سمعت عن العنف الجسدي الذي يمارس على المرأة في مجتمعنا المغربي خاصة والمجتمعات العربية بشكل عام، وقد تبادرت إلى ذهني الآن حينما وجدت نفسي أمام سيدة في عقدها الرابع تحكي عن معاناتها اليومية مع زوجها الذي يعنفها و يضربها، وذنبها الوحيد أنها لا تنجب إلا الفتيات وهو يحملها وزر ذلك.

ولكي أواسيها, وجدت نفسي احكي لها عن العادات الصحراوية وكأنني أحكي عن امرأة قادمة من كوكب آخر، امرأة تتمتع بالكثير من الحقوق التي لطالما تعبت الحركات النسائية في الوصول إليها، ودافعت عنها لسنوات طويلة…..

يعتبر الرجل الصحراوي أن إهانة المرأة انتقاص من رجولته وسبة في حقه، كما أن معاملته السيئة للمرأة تجعله منبوذا وسط قبيلته/مجتمعه… ولا يمكن في أي حال من الأحوال أن يتجرأ على مد اليد عليها وضربها أو تعنيفها أو حتى توجيه كلام نابي إليها.

مرت كل هذه الصور في مخيلتي وأنا أستمع إلى المرأة الجالسة أمامي وهي تحكي عن معاناتها من زواج دام لأكثر من ستة عشره عاما ومع ذلك لم تشفع لها العشرة الطويلة التي قضتها معه، بل إنه يصر على تذكيرها بالمصيبة -على حد تعبيره- التي نزلت عليه بإنجابها لأربع بنات.

تقوم العلاقة بين الرجل والمرأة في الصحراء على الاحترام والتقدير، ويرجع ذلك إلى التربية التي يتلقاها الأبناء منذ صغرهم، بحيث يتم تلقينهم بأن اهانة المرأة تدخل في إطار المحرمات، وهناك مثل يقال للأولاد الصغار عندما يضربون أخواتهم وهو:

بطاط أخوات الشيعة ماحذات

بمعنى أن من يضرب أخواته لاتقوم له قائمة نهائيا ولا ينتظر مستقبلا أن تكون له مكانة داخل القبيلة ولا داخل المجتمع الصحراوي بشكل عام ومن هنا يترسخ في أذهان الأولاد بأنهم لايمكن لهم أن يصنعوا مجدا بدون أن تكون معاملتهم لأخواتهم وللنساء جميعا من خلالهن، معاملة جيدة ومحترمة. ومن هنا نستشف أن التربية على احترام المرأة هي جزء من التربية عموما في المجتمع الصحراوي وهذا أمر بالغ الأهمية لما له من انعكاس على نفسية الأطفال على المدى البعيد/ بحيث ينعكس أيضا ذلك على علاقة الطفل/الرجل بالمرأة في كل صورها أما، أختا، زوجة…الخ